مراجعة Cyberpunk 2077: Phantom Liberty
مرّت حوالي 3 سنوات مذ أن صدرت لعبة CD Projekt Red الفريدة من نوعها Cyberpunk 2077، لم تتفرد اللعبة فقط بما جاءت به من عالم وحبكة منقطعة النظير بل تفّردت أيضًا بإطلاق يكاد يكون الأسوء على الإطلاق، من سوءه أن اضطرت شركة Sony إلى سحب اللعبة من متجر Playstation! وهذا حدث غير معهود خاصة للعبة AAA رفيعة! يرجع السبب خلف سوء الإطلاق هذا إلى كون اللعبة قدمت للكثير من اللاعبين وخاصة مُلَّاك أجهزة PS4 و Xbox One تجربة فضيعة غير قابلة للعب، كانت اللعبة تعاني كثيرًا من جميع النواحي التقنية والبصرية ويبدو أنها لم تكن ملائمة لعتاد الجيل الثامن من الأجهزة المنزلية. لحسن الحظ أننا اليوم وصلنا إلى مرحلة تكاد تكون فيها اللعبة خالية من أي مشاكل على جميع المنصات وقابلة للعب في صورتها المثلى، هذا ما جاء به تحديث 2.0، ولكن اليوم سنركز في حديثنا على التوسعة القصصية الجديدة، فإليكم مراجعتنا لها.
القصة والشخصيات
*ملاحظة، هذه الجزئية تحتوي حرقًا سطحيًا قدر الإمكان لأحداث اللعبة الأصلية، إن لم تلعب اللعبة الأصلية فأنصح بالقفز للفقرة التي تليها والتي سأتحدث فيها عن جودة القصة وتقديمها دون أي حرق ومن منظور نقدي*
إن لعبتم اللعبة الأصلية، فأنتم تعلمون جيدًا أن V آيسٌ من إيجاد حل لمشكلة الرقاقة العالقة في رأسه والتي تقتله ببطء، والخيارات المتاحة له أحلاها مُرٌّ ولا نتيجة مضمونة تُرجى فيها. في هذه الحالة وبينما يتجول V في شوارع Night City، يتلقى اتصالًا من فتاة غريبة تدعى Songbird، بدون مقدمات تُخبِره الأخيرة أنه عليه مقابلتها من أمام منطقة Dogtown التي لا تخضع لسيطرة شرطة المدينة لاحتفاظ أحد جنارالات الحرب الأمريكيين بها في وقت سابق من التاريخ وانشقاقه عن الجيش، Dogtown بمثابة دولة مستقلة الآن تحت قيادة هذا الجنرال الخطير المدعو Kurt Hansen.. ولكن، ما شأن Songbird هذه بهذا المكان؟ عند لقاءنا لها في المكان المحدد، ننصدم أولًا بأنها ليست حاضرة فيزيائيًا وإنما فقط صورة افتراضية لها في عقلنا، تمامًا كـ Jonny Silverhand، وعند حديثنا معها يتضح أنها netrunner موالية للسلطات الأمريكية المسماة في اللعبة NUS وأنها على متن الطائرة الرئاسية برفقة رئيسة الولايات المتحدة، وأنهم جميعًا سيسقطون في منطقة Dogtown! تريد منَّا Songbird أن نؤمن مكان السقوط من أيدي كل من يريد البطش برئيسة الولايات المتحدة، وتخبرنا بأنها تعرف علاجًا لنا وتقايضنا به لقاء إتمام مهمة التأمين أو الإنقاذ. العجيب في هذا أنها تستطيع رؤية وسماع Jonny يتحدث في عقلنا واستطاعت حتى إسكاته بإخفاءه عن مخيّلتنا! إن هذه الفتاة بالتأكيد ليست عادية، وربما تملك فعلًا علاجًا لنا نظرًا إلى كل إمكانياتها الضخمة التي رأيناها في لقاء عابر سريع مع صورة افتراضية لها، هذا ما فكّرتُ به عند لقاءها، ومن هنا تبدأ الرحلة الملحمية!
*انتهت جزئية حرق بعض أحداث اللعبة الرئيسية*
منذ لحظة الإتصال وحتى شاشة الـ Credits انغمست في متعة لا توصف! إن هذه التوسعة ترفع معيار الكتابة في عالم الألعاب، قلّما وُجدتْ قصة كهذه حابسة للأنفاس في كل طيَّاتها لا تترك لي فرصة للملل! أحداثها متتابعة مليئة بالتشويق والغموض لم تنفكّ تحفزني للاستمرار، لا توجد مهمة واحدة طول الرحلة تخرج عن الجودة الكتابية العالية أو تنخفض في مستوى إثارتها. إن أردت أن أصفها لكم بتشبيهات فلا بسعني التفكير سوى بتلك الأفلام البوليسية الشهيرة من Hollywood كـ Mission Impossible، ولا تظنّن للحظة أنها ستعطيك قصة سطحية، بل على العكس، القصة مليئة بالانعطافات الغير متوقعة والتي تستمر بالحصول حتى آخر لحظة. إن قرأتم مراجعتي للعبة الرئيسية فستجدونني دوَّنتُ الشخصيات كنقطة سلبية فيها وأنهم ضعيفي الكتابة، هذا تغير تمامًا في التوسعة، جميع الشخصيات -رغم صغر التوسعة زمنيًا مقارنة باللعبة الأصلية- ذات كتابة وحوارات وتقديم أفضل كثيرًا، ووجدت نفسي أكثر تعلقًا بهم، ما عزز يقيني من شعوري هذا هو ترددي في اختيار المسار الذي أريد للقصة السير فيه، وهذا ما لم يحصل معي في اللعبة الأصلية، العميل Solomon Reed الوجه التسويقي لهذه الإضافة أظهر آداءً يجعله بالنسبة لي أفضل شخصية هذا العام ومن أفضل شخصيات الجيل، وكذلك العدو الرئيسي في التوسعة Kurt Hansen الذي أظهر هيبة لم يُقدمها أي عدو باللعبة الرئيسية، رغم أن لديّ عتبًا على طريقة إنهاء دوره في القصة، ولكن لا يسعني الحديث عنه حتى لا أحرق عليكم الأحداث. ذكرت المسارات في القصة آنفًا فدعوني أُعرج عليها قليلًا أيضًا، إن التوسعة تقدم كمية خيارات هائلة وتغييرات حقيقية وليست مجرد حوارات مختلفة كما تفعل بعض الألعاب والنتيجة تكاد تكون متشابهة، كلّا! كل خيار يقود لآداء مختلف للمهمة، وفي بعض الأحيان يكون أحد الخيارات بحاجة إلى مستوى معيّن في إحدى سمات شجرة المهارات، وذاك الخيار أحيانا يفتح لك طريقة أسهل لآداء المهمة، وفي أحيان أخرى يكون مجرد إبداء لحداقة V في الأمر المتحَدَّث عنه. هذه الخيارات أيضًا مقدمة بنفس الجودة في المهام الجانبية، خيارات تقلب توجه المهمة تمامًا.
الإخراج
ما ميّز القصة كان إخراجها المدهش، أتذكر إحدى اللحظات في بداية اللعبة، كان مجرد إتصالٍ ولكن أسلوب إخراج هذا الإتصال وحواراته جعلتني في غاية الحماس والدهشة كأنه حدث عظيم! (وهو كذلك، نعم حتى الإتصال الهاتفي استطاع CDPR جعله حدثًا مميزًا، هل تتخيل ذلك!؟)، إن الإخراج كان من الأمور التي برع فيها الأستديو حتى في اللعبة الأصلية، ولكنه زاد براعة كثيرًا في هذه التوسعة وأخرج لنا “تجربة سينمائية” منقطعة النظير… لقد وضعت جملة “تجربة سينمائية” بين علامتيْ تنصيص لأنني أود أن أتحدث قليلًا عن التجارب السينمائية في عالم الألعاب. جرت العادة في صناعة الألعاب أن التجارب السينمائية عادة ما تكون ضعيفة أو سطحية في أسلوب اللعب وتصميم المهام لأنها تعتمد كثيرًا على المقاطع السينمائية، ونتج عن ذلك النهج انتشار مصطلح “فلم تفاعلي” في مجتمع اللاعبين للسخرية من هذه الألعاب التي تقدّم السينمائيات على حساب اللعب. حسنًا إليكم المفاجئة، أنا وصفت Phantom Liberty بأنها تجربة سينمائية ولكنها لا تُقدّم أي مشهد سينمائي واحد! بل إن غالب الأحداث تجري دون حتى إغلاق التحكم على اللعب، بل إنها تجعلك تشارك في صناعة الحدث الذي جرت العادة إخراجه في مشهد سينمائي! إن أسلوب الإخراج هذا بهذه الجودة يكاد يكون منقطع النظير! وما زاده إبداعًا الدقة المتناهية في الإلتقاط الحركي للجسد والوجه للشخصيات، صدّق أو لا تصدق فإن الأستديو عمِل Lip-Synching حتى للمهام الجانبية بل وفي حوارات ليست رئيسية من المهمة! الجهد المبذول في إخراج هذه اللعبة جبارٌ ويُري شغفًا من الفريق عجيبًا بما يفعلونه.
تصميم المهام
أشد انتقاد وجهته للعبة الأساسية كان يتعلق بتصميم المهام، الذي قدّم كثيرًا من التخفي على حساب الأكشن، ما أفسد المتعة كون هذه لعبة RPG وتصويب من المنظور الأول وليست لعبة تخفي، حسنًا يبدو أن CDPR استمع جيدًا لهذه الانتقادات، فلقد قدّم تصميم مهام رائع جدًا! نعم لا يزال هناك تخفٍ ولكن الخيار مفتوح غالبًا بين الإشتباك والتخفي، ليس هذا فحسب، إن تصميم المهام اتخذ في الإضافة منحىً استراتيجيًا تعاونيًا بديعًا ! غالب المهام ستؤديها برفقة أحد ما، أحيانا سيكون هو من يقدم لك الدعم الملحوظ وأحيانا أنت من ستفعل، بعض المهام تتخذ أسلوبًا مختلفًا تمامًا عن الهجوم أو التخفي هذا، أنت الآن شخصية مهمة في الأحداث ولست قاتلًا مأجورًا.. ستجمع المعلومات بينما تلعب البوكر مع الشخصيات المستهدفة، ستخطف بعض الأشخاص، ستتسلل بهوية مختلفة إلى بعض المجامع وتخوض المهمة حواريًا! هناك كمٌ هائل من التنوع في المهام، تكاد تكون كل مهمة رئيسية أو فرعية في اللعبة ذات أسلوب وتقديم وأحداث تختلف تمامًا عن التي قبلها. ولكن ما يميزها أنني التمستُ فيها الاهتمام بالقصة أكثر من اللعبة الأساسية، لن تجد أي مهمة باللعبة لا تتعلق مباشرة بسير الأحداث المباشر، لن تذهب في مهام جمع أو احضار مستلزمات للمهمة الكبيرة -كما تفعل كثير من الألعاب لتحشو نفسها بساعات لعب إضافية تُباهي بها في الإعلانات الصحافية-. المهام الجانبية هي الأخرى نقطة قوة كبيرة في هذه الإضافة، بل إن هناك مهامًا جانبية استغربت كثيرًا أنها ليست رئيسية لشدة روعتها ومتعتها، ولكنها تتصل اتصالًا وثيقًا بالأحداث الرئيسية، في إحدى المهام الجانبية التي أشد على أيديكم ألّا تفوّتوها يُطلب منكم التدخل في تقرير القائد الجديد لإحدى العصابات الكبيرة، عن طريق التنكر بشخصية مهابة على نطاق واسع بين المجرمين وأسلوب هذه المهمة كقصص المافيا تلك التي تُسيّر البلدان كما ترتئيه، بحوارات جعلتني أود القفز من كرسيّي لشدة روعتها!
ليس لدي الكثير لقوله في جانب أسلوب اللعب والعالم، التوسعة بطبيعة الحال لم تُضف كثيرًا سوى شجرة مهارات واحدة جديدة ونظام عقوبة شديد لارتكاب الجرائم كنظام ألعاب GTA منذ قدام الزمان، نظام النجوم، كلما زاد جرمك زاد عدّاد النجوم وزادت شدة الملاحقة لك. بإمكانكم قراءة مراجعة اللعبة الأساسية للتفصيل في أسلوب اللعب والعالم.
الآداء التقني والبصري والصوتي
أصارحكم القول، أنا لا أستطيع مشاطرة الشعور مع من هو متحمس للتحديث 2.0 وإصلاحاته، لأن تجربتي الأولى للعبة الأساسية كادت تخلو من أي مشاكل تقنية وحتى بصرية منذ تحديث اليوم الأول للعبة، الأمر الوحيد الذي تغيّر عليّ هنا هو تجربة الستون إطارًا في الثانية التي لم تكن متوفرة لديّ في تجربتي الأساسية لأني أنذاك لعبتها على جهاز Xbox One X، ولكني أطمئنكم أن اللعبة الآن يقينًا بحالة تقنية أفضل بكثير وستخوضون التجربة كما ينبغي لها أيًا كان جهازكم. الشيء الوحيد الذي واجهته كان هبوط الإطارات إلى ما دون الثلاثين عند القيادة في الأماكن المزحومة بالتفاصيل والحركة. ليس بالأمر الجلل. بصريًا فاللعبة تحافظ على مستوى عالٍ من البصريات والإضاءات لا تختلف كثيرًا عن التجربة الرئيسية بالنسبة لي، أما صوتيًا فلا زالت اللعبة على حالها بين آداء صوتي ممتاز جدًا خاصة للأسلحة واختلاف أصواتها حتى على ما ترطم به من حوائل! وآداء موسيقي باهت، أحببت أغنية النهاية ولا أتذكر غيرها.
*أُجرِيت المراجعة على نسخة من اللعبة مقدمة من الناشر على جهاز Xbox Series X
للإطلاع على مزيد من مراجعاتنا بإمكانكم إيجادها جميعًا هنا. كما بإمكانكم زيارة صفحتنا على موقع OpenCritic من هنا.
التقييم النهائي - 9.5
9.5
إن Phantom Liberty تجربة بوليسية هوليوودية رائعة، وأحداثها الشيّقة يُكمّلها تصميم مهام ممتع جدًا. حال إنهائي لها صُدِمتُ عند انتباهي إلى أنها قدَّمتْ تجربة سينمائية بدون أي مشهد سينمائي! إنها تُعطي درسًا قيّمًا لمن أراد تقديم تجربة سينمائية ممتازة وفشل في تطبيعها بمتعة اللعب الكافية