تاريخ 7 أكتوبر 2016 كان موعدنا مع Mafia 3، الجزء الذي انتظره محبوا السلسلة لستة سنوات، وهذه المرة في مغامرة جديدة، عام 1968 في مدينة New Bordeaux، ومع بطلنا Lincoln Clay، ولكن للأسف هذه العودة كانت محبطة، فاللعبة صدرت بمشاكل تقنية كثيرة، بالإضافة إلى تواضع مستواها كلعبة عالم مفتوح، وضعف تصميم المهام، وعدم قدرة Hangar13 على خلق دورة لعب ممتعة. صحيحٌ أن قصة اللعبة جيدة كما تعودنا من سلسلة Mafia، ولكنها لم تكن كفاية ليشفع اللاعبون لضعف باقي جوانبها، وبناءً عليه، حصلت على تقييمات 68% و 5.4 من النقاد واللاعبين على موقع Metacritic.
فريق Hangar 13 قرر العودة للماضي في 2020، وذلك مع إصدار Mafia: The Definitive Edition، ريميك الجزء الأول الايقوني، وعلى الرغم من أن بعض الجوانب كانت تحتاج للمزيد من التحسينات، ولكن التجربة مجملًا كانت جميلة، خاصةً بسبب أجوائها الرائعة، وقصتها الممتازة من بطولة Tommy Angelo، وفي العام الماضي وأخيرًا تم الكشف عن الجزء الجديد من السلسلة تحت عنوان The Old Country.
لعبة Mafia The Old Country ليست جزءً رابعًا، وإنما هي لعبةٌ أصغر حجمًا وسعرها 50$. اللعبة تأخذنا إلى بدايات القرن الواحد والعشرين، وتعد بتقديم تجربةٍ سردية سينيمائية عالية الجودة، نرى من خلالها نشأة الـMafia الوحشية في مدينة صقلية، في أجواءٍ قد تذكرنا بأفلام The Godfather للرائع Francis Ford Coppola، فهل Mafia The Old Country استطاعت إرجاع الثقة للسلسلة ؟ أم كانت استمرارًا لنفس الأخطاء ؟ الإجابة مختلطة وتحتاج للنقاش، فدعونا نبدأ حديثنا عن اللعبة .
- اسم اللعبة Mafia: The Old Country
- المطور Hangar 13
- الناشر 2K
- التصنيف Action Adventure
- المنصات PC – PS5 – XSX|S
- منصة المراجعة PC
- تاريخ الإصدار 8/8/2025
- اللعبة لا تدعم اللغة العربية
- للمزيد من المعلومات زوروا مقالنا عن اللعبة
رحلة صعود معتادة … لكن ممتعة
قصتنا تعود بناء للوراء، قبل كل أجزاء Mafia السابقة، وتحديدًا في بدايات القرن الـ20 عام 1904، وموقع الأحداث هنا هو صقلية في مدينة San Celeste، المدينة التي رأيناها في لعبة Mafia 2 سابقًا، وبطلنا هذه المرة هو Enzo Favara، شابٌ إيطالي يعمل في مناجم عائلة Spadaro، وبعد مجموعة من الأحداث يجد نفسه واحدًا من رجال عائلة Torrisi.
قصة Mafia The Old Country تتبع نفس نهج أغلب قصص الـMafia الأخرى، فهي حكاية عن الولاء والخيانة، عن الحب والواجب، عن العائلة والشرف، والأهم أنها رحلة صعودٍ لبطلنا Enzo Favara، الذي مع تقدمنا في الفصول، نراه يصبح من أهم رجال Don Torrisi، وفي هذه الأثناء نتغلغل في حياته الشخصية، ونرى تطور علاقته مع العديد من الشخصيات.
قصة Mafia: The Old Country مدركة لأهم ما يميز هذا النوع من القصص، ولكن للأسف بسبب رؤيتنا للكثير من قصص المافيا، هناك الكثير من القوالب المعتادة والمكررة، وهذا الأمر يتطور بعد ذلك ليجعل العديد من الأحداث المهمة متوقعًا وبشدة، وللأسف لعبتنا ليست ذكيةً أبدًا في محاولتها لمفاجأتك، فبدلًا من أن تصدمك بالحدث الذي أنت متوقعه أساسًا وتريد أن يكون توقعك خاطئًا، اللعبة تصر على التلميح لهذه الأحداث، وأحيانًا تكون غاية في السذاجة، مما يجعل وقع هذه الأحداث أقل بكثير.
هل هذا يعني أن قصة Mafia: The Old Country سيئة ؟ بالطبع لا، فبناء الأحداث كان جيدًا في البداية، ويستعرض أهم شخصيات اللعبة بشكلٍ سلس جدًا، وهذا البناء الجيد نرى نتائجه لاحقًا، من خلال سردٍ جيد لقصة اللعبة، واستعراض مميز لعالمها. فالقصة تسير بوتيرة ممتاز، ونصفها الثاني تنفجر فيه الأحداث وتكون سريعةً جدا وحماسية، وهذه الأحداث يكون لها تأثيرٌ كبير على شخصياتنا، فنرى تغير آرائهم، مشاعرهم، والأهم من ذلك أننا نرى صراعات مثيرة للإهتمام جدًا.
واحد من الجوانب التي ساهمت في زيادة اندماجك مع عالم اللعبة، كان الاستعراض الممتاز الذي ذكرناه سابقًا، والذي لم يقتصر على المشاهد فقط، بل من خلال العديد والعديد من المستندات الموزعة في عالم اللعبة، والتي توسع معرفتنا عن الأحداث، صغيرها وكبيرها، وحتى تُعَرّفنا على معلومات أكثر عن الشخصيات، وبعضها قد يكون مفاجأة سارة لجمهور السلسلة القديم.
وعلى ذكر الأجزاء القديمة، فنحن تعودنا على أن يكون الأداء التمثيلي في أعلى مستوياته، و The Old Country ليست مختلفةً أبدًا، فالأداء من كل الشخصيات تقريبًا كان ممتازًا، والأهم أنه ديناميكي جدًا، إضافة إلى إدراج اللعبة الصقلية وسط الحوارات، والتي أعطت طابعًا مميزًا لها. أكثر شخصيةٍ مثيرة للإهتمام هنا هي Don Torrisi، ولحسن الحظ، فهو صاحب أفضل أداء تمثيلي أيضًا. الممثل Johnny Santiago قدم أداءً يستحق الثناء، ويحعلك تشعر أنه Don حقيقي، لما في صوته من هيبة وطابعٍ مميز.
أسلوب اللعب … تسلية معيوبة
تجربة أسلوب اللعب في سلسلة Mafia عمومًا ليست مبهرة أبدًا، وإنما هي تجربة خطية مسلية تعتمد على الـSet Pieces بشكلٍ أكبر، وسير اي مرحلة بنسبة كبيرة يكون في خطٍ واحدٍ فقط، خاصة في أول جزئين، والأمر هنا في The Old Country ليس مختلفًا أبدًا، فما زالت المراحل تسير على خطٍ واحد، ولكن تتنوع في طبيعتها، بين معارك بالأسلحة النارية واليدوية، وتخفي، ومطاردات، وحتى سباقات، فدعونا نفصل فيها قليلًا.
بداية Mafia The Old Country للأسف مملة جدًا من ناحية أسلوب اللعب، فليس هناك مشكلة أن تكون البداية بطيئة أبدًا، ولكن يجب على اللعبة أن تحسن تقديم عناصر أسلوب اللعب لك، وأن تنوع ببنهم بشكلٍ متوازن، ولكنك ستنتظر لأكثر من ساعتين حتى تطلق طلقة نارية واحدة، أهذه هي المشكلة ؟ لا، ولكن غياب القتال كان يعوضه جوانب مستواها غير جيدٍ أبدًا، تنقسم بين التخفي والقتال اليدوي والمشي … الكثير من المشي.
أول جانبين سنتحدث عنهم بعد قليل، أما المشي فقد كان مبالغًا فيه، فتمشي داخل منجم، وتمشي بالحصان، ومن ثم تمشي في بيت، ومن ثم تمشي بالحصان، ثم تقاتل أو تتخفى، ثم تمشي مرة أخرى، وإذا أرادت اللعبة أن تنوع ستجعلك تشارك في سباق أحصنة، وهو أمتع لحظة في بدايات اللعبة، أمتع من سباق السيارات حتى، ونعم هناك سباقٌ هنا أيضًا، لكن لا تقلقوا ليس بصعوبة الجزء الأول، وليس ممتعًا كثيرًا حتى. عمومًا بداية اللعبة كانت فعلًا محبطة، ومنفرة جدًا، ولكن لحسن الحظ تتحسن اللعبة مع تقدمك.
أول ما ستفعله بين ما ذكرناه سابقًا هو التخفي، وللأسف مستواه هنا ضعيف. مراحل التخفي تنقسم لقسمين، بعضهم تكون مجبرًا عليه ولا يجب عليك أن تُكشف، والبعض الآخر يكون التخفي خيارًا فقط إذا أردت. طريقة الاغتيال قد تذكرك بالجزء الأول من The Last of Us، فيمكنك خنق العدو أو قتله بسكين، ولكن السكين ليس حر الاستخدام، فحدته تنقص، ويجب عليك زيادتها من خلال الأحجار لتستمر في الاغتيال. أما في طريقة الوصول للأعداء فهي غاية في البساطة، إما أن تنتظرهم ليفترقوا، وإما أن تشتتهم من خلال رمي عملات أو زجاجات. محدودية الخيارات ليست حكرًا على The Old Country، ولكن للأسف ما يحيط بها محبطٌ جدًا ويفسد هذا الجانب.
مشاكل التخفي الأكبر تتمثل في تصميم المراحل وتوزيع الأعداء. ففكرة التخفي بالأساس في مراحل خطية بهذا الشكل ليست مشجعة، ولكن قد يحاول المطور جعل النظام متحديًا أكثر ويحثك على التفكير، ولكن للأسف كل مرحلة تشعر وكأنها مجموعة مساحات منفصلة، وكل ما اقتربت من واحدة منها ترى الأعداء ينفصلون لكي يكون من السهل عليك اغتيالهم، أو حتى في بعض المراحل يكون العدو ناظرًا عكس اتجاهك لفترة طويلة؛ منتظرًا منك أن تقتله، وإذا أرادت اللعبة أن تصعب الأمر عليك، ستجبرك على إلقاء عملةٍ أو زجاجة، هذا أقصى مستوى من التحدي.
أتظن اننا انتهينا ؟ بالطبع لا، فهناك مشكلة ليست حكرًا على التخفي فقط، وإنما تمس كل جانب من أسلوب اللعب، وهي تواضع مستوى الذكاء الإصطناعي للأعداء، فوقت التخفي يتأخرون في رد فعلهم، وتصرفاتهم عمومًا ليست ذكية، خاصة وأن التواصل بين الأعداء ضعيف، فأحيانًا إذا وجدت اثنين يقفان مع بعضهما، ومن ثم قمت بتشتيت أحدهم لتغتاله، سيأتي وستقتله، ولكن لن يستغرب هذا العدو أن زميله لم يعد، وسيكمل يومه بشكلٍ طبيعي. المرة الوحيدة التي نرى منها رد فعلٍ واضح، هي عندما يرى الأعداء جثة زميلهم، ووقتها سيبحثون عنك. أما في اوقات القتال، يعتمد الأعداء على الاقتراب منك لإجبارك على الخروج من الـCover، ولكن المشكلة أن الاقتراب منك يكون بشكلٍ غبي، كأن العدو مستعدٌ للموت فقط لكي يحصل زملاؤه على فرصة لضربك.
وبما أننا بدأنا الحديث عن القتال بالأسلحة النارية، دعونا نفصل فيه. لعبة Mafia: The Old Country مثل الأجزاء الماضية هي لعبة Cover Shooter، وبما أننا في زمنٍ أقدم، فالأسلحة ليست نفسها، فالأمر موزع بين مسدساتٍ بأنواعها، وبين Rifles و Shotguns. استخدام هذه الأسلحة كان يفي بالغرض، ويعطي إحساسا بالرضا عند ضرب عدوٍ في رأسه وقتله من ضربة واحدة. وبعض المهام تكون سريعة وحماسية، وفيها يصبح القتال في أعلى مستوياته من المتعة.
غير استخدام الأسلحة هناك أسلحة يدوية أيضا، وهي سكاكين بأشكال ومستويات مختلفة، ورغم أنك تستطيع استخدامها وسط القتالات، إلا أن استخدامها الأهم والأكثر انتشارًا على مدار اللعبة يكون في قتالات الزعماء، وللأسف هي أضعف جوانب اللعبة. خياراتك في المعارك اليدوية محدودة، بين هجمة خفيفة وثقيلة ومطولة، وتستطيع تفادي الهجمات أو صدها بناءً على نوعها، ومثل العديد من الجوانب في اللعبة، البساطة ليست المشكلة، وإنما الموازنة !
كل قتالات الزعماء عدا واحد تفعل فيها نفس الشيء تقريبًا، وأنا لا ابالغ، فكل الزعماء لديهم نفس الحركات، ونفس الأسلوب، والمعارك تصبح غاية في الملل، تشعر وكأنك تشق طريقك نحو المشهدين أو الثلاثية الذين يتخللون كل قتال, وللأسف ليس هناك أي محاولة لخلق تجديد في هذا النوع من المعارك. أما بالنسبة للقتال الوحيد المختلف، فهو قتالٌ غاية في التواضع أيضًا.
جانب المواجهات الأخير في لعبتنا هو المطاردات، وكانوا مسليين ويقدمون لحظاتٍ ممتعة، حتى أني تذكرت ألعابًا مثل Red Dead Redemption أو Uncharted، حيث أن هناك مطاردات احصنة وسيارات، وقد يجتمع كلاهما أحيانًا لخلق لحظاتٍ أكثر تنوعًا.
الجدير بالذكر أن هناك العديد من التجميعات التي يمكنك الحصول عليها، وبعضها يكون مفيدًا، فمثلًا هناك في اللعبة Charms، وهي عبارة عن اكسسوارات أو قطع تعطيك ميزات إضافية، كزيادة عدد الأربطة التي تستخدمها لزيادة صحتك، أو الحصول على Loot العدو الذي ستغتاله تلقائيًا، فنعم قد تسهل عليك اللعب ولكنها ليست Game Changer. أيضًا على ذكر الـLoot، حين تقتل اي عدو تستطيع أخذ عملات أو طلقات نارية أو أربطة، والعملات يمكنك استخدامها في شراء الأسلحة، والأحصنة، والسيارات، وحتى الملابس.
كل ما تم ذكره بالأعلى من أنظمة نستطيع التفاعل معها من خلال المراحل، والتي للأسف لم تكن ثابتة المستوى، فبعضها قد يخلق أجواءً رائعة حتى لو كان Scripted، ويخلط مجموعة من هذه الأنظمة مع بعضها، كأن تقاتل بالأسلحة النارية، وتشارك في مطاردة، ومن ثم تقاتل يدويًا، فهذا التنوع يخفف من حدة تواضع بعض هذه الجوانب، ولكن للأسف بعض المراحل كانت مملة ومتواضعة المستوى؟، كأن تمشي وراك شخصية لوقتٍ طويل بدون فائدة كبيرة تذكر، أو أن تذهب للتحدث مع أكثر من شخص للسؤال عن شيءٍ ما. فعمومًا Mafia: The Old Country ليست مبتكرة أبدًا في تجربة أسلوب اللعب، وإنما هي معتمدة على أفكار عمرها جيلين، ولكن تكون ممتعة بعض الأحيان.
جمالٌ فني … بأداء محبط
لعبة Mafia The Old Country تقدم Unreal Experience، والمقصد هنا ليس أنها رائعة، بل أني اقصد تجربة Unreal Engine معتادة حرفيًا، أو عفوًا، أعني Stutter Engine 5. للأسف هذه اللعبة هي امتداد لإصدارات هذا المحرك المعيوبة تقنيًا، والعيوب هنا تتمثل في وجود Stutters عند دخول منطقة/مرحلة جديدة، وأيضًا هبوط الإطارات بشكل ملحوظ عندما تزيد المؤثرات والحركة، كأوقات المطاردات مثلًا، والأداء عمومًا ليس مستقرًا بشكلٍ دائم، ولا يحسن استغلال عتادك.
لكن بعيدًا عن مشاكل هذا المحرك، فهو لديه ميزات أيضًا، وهذا يتضح من مستوى الرسومات الممتاز، سواءً في التضاريس البيئية، أو أشكال الشخصيات وحركة وجوههم، أو المباني، أو السيارات، الخ … . نشأة المافيا في مدينة صقلية هي واحدة من الأمور التي أتقنها فريق Hangar13 أيضًا، فملابس الشخصيات وأشكال المباني والسيارات، وحتى طريقة الكلام، كلها تزيد من انغماسك في المغامرة، وتُشعِرُك كأنك دخلت فيلم The Godfather للمخرج فرانسيس فورد كوبولا.
أما على الجانب الصوتي، فالهندسة الصوتية ممتازة، وأكثر لحظات ستستشعر فيها هذا المستوى هي تلك التي تقود فيها السيارة، فصوت المحرك والنقلات وغيرها واقعية فعلًا، وعمومًا الأسلحة وغيرها من الأصوات كلها مصممة بشكلٍ جيد فعلًا، أما الموسيقى فأغلبها عادي، مناسبٌ فقط ويفي بالغرض، ولكن بين حينٍ وآخر قد تسمع تلحنًا يجذب انتباهك.
تقييم اللعبة من 10 - 7
7
تسير تجربة Mafia: The Old Country على خطى أول جزئين من السلسلة إلى حدٍ كبير، فهي تمتلك نفس المميزات تقريبًا، ونفس العيوب كذلك، لكنها لا تقدم أفضل جوانبها بنفس الإبهار. فالقصة جيدة، لكن لا ترقى إلى روعة الأجزاء السابقة، وأما أسلوب اللعب وتصميم المهام فيعانيان من مشاكل عديدة، إضافةً إلى كونها إصدارًا آخر مليئًا بالعيوب التقنية المعتادة لمحرك Unreal Engine 5. كل ذلك يجعل من The Old Country تجربة جيدةً لا أكثر، لديها لحظاتها الجميلة والممتعة، ولكن في المقابل لديها كمٌ لا بأس من العيوب.
