تُعد The Elder Scrolls IV: Oblivion واحدة من أكثر الألعاب تأثيرًا في تاريخ ألعاب تقمّص الأدوار (RPG)، حيث شكّلت عند إصدارها في عام 2006 نقلة نوعية في تصميم العوالم المفتوحة، وساهمت في ترسيخ اسم Bethesda كأحد أبرز مطوري هذا النوع من الألعاب.
اللعبة قدّمت آنذاك تجربة ضخمة وغير مسبوقة، بعالم مفتوح نابض بالحياة، ونظام مهمات معقّد، وقصص جانبية تفوق أحيانًا القصة الرئيسية في عمقها وجودتها. واليوم، وبعد مرور أكثر من عقد ونصف على صدورها، تعود هذه اللعبة الكلاسيكية إلى الواجهة من جديد، ولكن هذه المرة بحلّة محسّنة تحت عنوان Oblivion Remastered.
سواء كنت من اللاعبين القدامى الذين يحملون ذكريات لا تُنسى مع اللعبة، أو كنت من الجيل الجديد الذي يسمع عنها للمرة الأولى، فإن Oblivion Remastered تقدم فرصة جديدة للغوص في عالم غني بالتفاصيل, فهل نجحت هذه النسخة في تحقيق التوازن: بين الحفاظ على إرث اللعبة وتقديم تجربة معاصرة؟ هذا ما سنستكشفه في مراجعتنا.
- اسم اللعبة: The Elder Scrolls IV: Oblivion Remastered
- الناشر: Bethesda Softworks
- الأستوديو: Virtuos - Bethesda Game Studios
- المخرج: Theo Gallego
- التصنيف: Action RPG
- المنصة: PS5 - XBOX SERIES X|S - PC - Game Pass
- منصة المراجعة: PS5
- موعد الإصدار: 22 ابريل 2025
- اللعبة لا تدعم اللغة العربية
- المزيد من المعلومات عبر الموقع الرسمي
القصة الرئيسية
تبدأ قصة Oblivion بلحظة مأساوية تهزّ أركان إمبراطورية Tamriel، حين يُغتال الإمبراطور Uriel Septim السابع على يد جماعة سرّية تُعرف باسم Mythic Dawn. هذا الحدث لا يقتصر على أزمة سياسية فقط، بل يتسبب بانهيار الحواجز بين العالم الحقيقي وعوالم Oblivion، لتبدأ بوابات الجحيم بالظهور في أرجاء مقاطعة Cyrodiil.
مع اختفاء الوريث الشرعي للعرش، يجد اللاعب نفسه في قلب الفوضى، مكلفًا بمهمة مصيرية: العثور على الوريث، وإغلاق تلك البوابات قبل أن يبتلع الدمار كل شيء. ما يميّز هذه القصة ليس فقط ضخامتها، بل الطريقة التي تُروى بها، حيث تمتزج الأسطورة بالتاريخ، ويشعر اللاعب بأن مصير العالم حرفيًّا بين يديه.
من خلال تجربتي، شعرت أن قصة Oblivion تأخذك إلى قلب الصراع السياسي في إمبراطورية Tamriel، حيث تجد نفسك فجأة جزءًا من مؤامرة كبرى تهدد مصير العالم بأسره, ورغم أن القصة الرئيسية قصيرة، إلا أنها تحمل طابعًا ملحميًا واضحًا، وتقدّم أجواءً مشوّقة تجعلك تشعر بأهمية مهمتك ودورك في هذا العالم.
هناك حسّ دائم بالعجلة، بالمسؤولية، وبأن كل خطوة تخطوها تُحدث فرقًا. هذه الأجواء المتوترة والمشحونة، مع تصاعد الأحداث، تجعل من القصة تجربة مليئة بالحماس والتشويق، تُثبت أن الطول ليس دائمًا مقياسًا لجودة السرد.
عالم اللعبة
عالم Oblivion ساحر، وإعادة بنائه بمحرك Unreal Engine 5 كانت تجربة بصرية مذهلة تُعيد إلينا سحر الخيال الكلاسيكي كما لم نره من قبل، وفي قلب الخريطة، حيث تقع Imperial City وسط البحيرة الكبرى، تشعر أن كل الطرق تقود إلى هذا المركز التاريخي العظيم.
أبراج Ayleid القديمة متناثرة عبر المقاطعة، كل برج منها يحمل بقايا حضارة اندثرت، وشعور بالغموض لا يفارقك أثناء استكشافها. أما الغابات المحيطة بـBruma و Cheydinhal، فتعكس طابع الشمال البارد، بينما منطقتا Bravil و Leyawiin تميزتا بأجواء ضبابية ساحلية ذات طابع سوداوي يلامس القصص الخيالية المظلمة.
التنقل بين مناطقها يبدو وكأنك تمر بعوالم مختلفة، من الغابات إلى المدن الصغيرة المختبئة بين الجبال، والأجمل من ذلك كله؟ أنك أينما كنت، ترى برج White-Gold Tower، رمزًا لعظمة الإمبراطورية وتذكيرًا دائمًا بأنك ما تزال جزءًا من قصة أكبر تُروى.
لكن لا تتوقع أن تجد محتوى كثيفًا موزعًا على كل أنحاء الخريطة. العالم هنا لا يعتمد على الزحام أو الأنشطة المتكررة، بل الطبيعة هي العنصر الأبرز، والمشهد العام هو ما يصنع التجربة. لن تجد معسكرات أو مهام في كل زاوية، بل مساحات شاسعة من الغابات، الجبال، الأنهار، والأطلال القديمة، وإن كنت تنوي الاستكشاف، فستصادف كثيرًا من الكهوف والأنقاض والدنجنز الموزعة في أرجاء الخريطة.
من المهم أن تعرف أن أغلب هذه الأماكن متشابهة في التصميم، وبعضها يعيد استخدام نفس البنية والترتيب مع تغييرات طفيفة، ولكنها لم تكن مزعجة. ستجد كذلك صخورًا سحرية متفرقة في أنحاء العالم، تُمكّنك من تفعيل قوى مؤقتة مرة واحدة كل يوم، ولكل حجر طابع خاص سواء كان دفاعيًا، سحريًا أو متعلقًا بالمهارات.
أيضًا هناك أطلال Ayleid المنتشرة في مختلف المناطق، وبعضها يحمل طابعًا أثريًا جميلًا لكنه متكرر من حيث البناء. العالم واسع وجميل بصريًا، لكن لا تتوقع أن يكون غنيًا بالتنوع في المحتوى داخل كل موقع، بل التجربة تتركّز أكثر على الاستكشاف، التأمل، والإحساس بالجو العام لعالم Cyrodiil.
لكن لا نعتبر هذا التكرار في تصميم الكهوف والدنجنز سلبية، لأننا نتحدث عن لعبة صدرت عام 2006، وفي وقتها كانت تقدم تجربة ضخمة واستثنائية بالمقاييس التقنية لتلك المرحلة. التركيز وقتها لم يكن على التنوع البصري أو التفرعات داخل كل كهف، بل على بناء عالم مفتوح مترابط، يعطيك شعورًا حقيقيًا بالمغامرة, وهو شيء خارق بكل معنى الكلمة عند اخذ موعد إصدار اللعبة في الحسبان.
اسلوب اللعب
أسلوب اللعب في Oblivion Remastered لم يشهد تغييرات جوهرية، بل اقتصر على تحسينات خفيفة تمسّ جوانب الحركة والأنيميشن، مثل طريقة إلقاء التعويذات، استخدام الأسلحة اليدوية، أو التصويب بالأقواس. ورغم أن هذه اللمسات البصرية أضفت سلاسة أكبر، إلا أن جوهر النظام القتالي وطريقة التحكم بقيت وفية تمامًا للتجربة الأصلية. وهذا كان قرارًا مقصودًا من الفريق المطوّر، الذي سعى للحفاظ على هوية اللعبة كما عرفها عشاقها قبل سنوات. نعم، قد يبدو أسلوب اللعب قديمًا في البداية، وربما حتى بسيطًا مقارنة بالألعاب الحديثة، لكن ما إن تمضي بعض الوقت في الاستكشاف والقتال، حتى تجد نفسك منسجمًا تمامًا مع العالم، ومتقبلاً لطريقته.
المحتوى الجانبي
من أبرز عناصر التميّز في Oblivion Remastered، والتي ما زالت تحتفظ بقوتها حتى بعد مرور كل هذه السنوات، هي المهام الخاصة بالنقابات أو (Factions). تجربة الانضمام إلى Guild مثل الـDark Brotherhood أو الـThieves Guild ليست مجرد سلسلة من المهمات الجانبية، بل رحلة قصصية متكاملة تُقدَّم بجودة مدهشة، خاصة إذا وضعنا في الاعتبار أن هذه التجارب كُتبت وطُبقت لأول مرة عام 2006. أسلوب السرد، حرية اتخاذ القرار، التفرعات التي تؤثر على مجرى الأحداث، وطريقة تصاعد التوتر داخل كل خط قصصي، تجعل كل فصيل يمتلك طابعه وهويته الخاصة التي تعيشها بكل تفاصيلها.
Dark Brotherhood
تُعدّ نقابة Dark Brotherhood أفضل النقابات في لعبة Oblivion، ولا يمكن الانضمام إليها مباشرة، إذ لا بد أولًا من ارتكاب جريمة قتل بحق شخص بريء، لتصلك بعدها رسالة غامضة تقول: "We know". من تلك اللحظة، تدخل عالم القتلة المأجورين، لكنه ليس عالمًا عشوائيًا، بل تحكمه طقوس، وتقاليد، وإيمان عميق بـ سيد الظلام Sithis و"الأم السوداء".
كل هدف يُكلَّف به اللاعب يحمل خلفية وقصة خاصة، وبعض المهام تُنفَّذ بأساليب قتل مبتكرة تُظهرها وكأنها حوادث طبيعية.
A Brush with Death
من أبرز المهام الجانبية الفريدة في Oblivion بعيداً عن النقابات او الـ Factions, تأتي مهمة A Brush with Death، التي تقع أحداثها في مدينة Cheydinhal. تبدأ المهمة بطريقة غامضة داخل منزل فنان شهير، وسرعان ما يجد اللاعب نفسه منغمسًا في تجربة غير تقليدية تمامًا.
العالم الذي تدخله داخل هذه المهمة مصمم بأسلوب فني مميز، وكأنك تمشي داخل لوحة مرسومة يدويًا، مليئة بالألوان والتفاصيل الغريبة. أسلوب اللعب يتغيّر، وتُتاح لك أدوات غير مألوفة، مما يجعل هذه المهمة تجربة بصرية وفنية استثنائية، لا تُشبه أي شيء آخر في اللعبة.
بصراحة، وجدت نفسي مندهشًا وأنا أسترجع كيف تمكّنت Bethesda من بناء هذا المستوى من العمق السردي والحرية التفاعلية في تلك الحقبة. فالشركة لطالما تفرّدت بتقديم قصص جانبية تضاهي جودة القصة الرئيسية بل وتتفوّق عليها أحيانًا.
الموسيقى
أما الموسيقى... فماذا أقول وماذا أترك؟ عندما ترى اسم The Elder Scrolls، فاعلم أن الموسيقى ستكون بمستوى خيالي يليق بعالمها الكبير. في Oblivion، الألحان ليست مجرد خلفية، بل عنصر أساسي من التجربة.
أثناء التجوّل في البراري والغابات، تعزف الأوتار بهدوء، تجعلك تشعر أنك جزء من هذا العالم، لدرجة أنك أحيانًا تترك المهمات جانبًا فقط لتتجول أكثر وتستمع، وما يميّز اللعبة فعلًا أن لكل مدينة طابعها الموسيقي الخاص، نغمة تختلف عن غيرها وتعكس هوية المكان، سواء كانت مدينة جبلية هادئة، أو مرفأً ضبابيًا مليئًا بالغموض.
المؤلف Jeremy Soule قدّم عملًا خالدًا، ألحانًا لا تُنسى، والجميل أنها ما زالت تُحب وتُذكر حتى بعد مرور أكثر من 15 سنة.
الرسوم والاداء
الرسوم في اللعبة لا خلاف عليها، بل يمكن القول إنها مبهرة بصريًا، بتفاصيل بيئية منعشة للعين، وإضاءة واقعية تعكس جمال الطبيعة والعمارة القديمة. هذا المستوى لم يكن مفاجئًا، فالمحرك المستخدم هو Unreal Engine 5، والمعروف بقدرته على تقديم جودة رسومية متقدمة، خصوصًا في الإضاءة، الظلال، وكثافة التفاصيل في البيئة.
لكن المشكلة الكبرى لم تكن في المظهر... بل في الأداء. التحديث الأخير (الإصدار 1.2) كان من المفترض أن يُحسّن أداء اللعبة، لكن ما حدث كان العكس تمامًا. في بعض المناطق، خصوصًا قرب بوابات Oblivion، تبدأ الإطارات بالانخفاض بشكل فظيع، لدرجة تؤثر على اللعب، وما يزيد الأمر سوءً أن المرحلة الأخيرة من اللعبة كانت مليئة بهبوط إطارات حاد، حتى على أجهزة قوية. مشاهد القتال الضخمة، كثافة المؤثرات، والزخم العام في نهاية القصة، كلها تسببت في أداء غير مستقر، يُضعف من قوة اللحظة ويخرجك من التجربة.
هذه المشاكل لا تُلغي روعة الرسوم، لكنها بكل تأكيد تحتاج إلى تصحيحات جادة، خصوصًا مع كونها نسخة Remaster يُفترض أنها موجهة لتقديم تجربة حديثة ومحسّنة.