استديو Compulsion Games هو استديو كندي تم تأسيسه عام 2009، فببدايته عمل على مشاريع مثل Dungeon & Dragons: Daggerdale و Darksider كأستديو مساعد، كوسيلة لتمويل مشاريعه الخاصة. وسرعان ما رأينا أول مشاريعهم عام 2013 مع Contrast، ثم بعام 2015 أعلن الأستديو عن مشروعهم التالي وهو We Happy Few مع إطلاق حملة Kickstarter التي نجحت نجاح باهر وتجاوزت الهدف الموضوع. لدرجة أن مايكروسوفت أعلنت الاستحواذ عليهم في E3 عام 2018، وبعدها بشهرين اللعبة أخيرًا على منصة Xbox وكانت مفاجآة سارة من ناحية المستوى القصصي والفني، مع مشاكل عديدة بأسلوب اللعب.
ثم غاب الاستديو عن الأنظار لسنوات عديدة، حتى ظهر لنا في عام 2023 بإعلان عن عنوان جديد بإسم South of Midnight يركز على القصص الـ folk lore جنوب الولايات المتحدة الأمريكية، بتوجه فني مميز يتخذ الـ stop motion كأسلوب تحريك رئيسي، فهل نجح الاستديو بتطبيق افكاره وتقديم لعبة جيّدة؟
- اسم اللعبة: South of Midnight
- المطور: Compulsion Games
- الناشر: Microsoft
- المخرج: David Sears
- التصنيف: Action Adventure - Platforming
- المنصات: Xbox Series X|S – PC
- منصة المراجعة: PC
- موعد الإصدار: 08 أبريل 2025 - 03 أبريل لمالكي نسخة الـ Premium
- اللعبة لا تدعم اللغة العربية
- للمزيد من المعلومات عبر الموقع الرسمي
القصة
تدور أحداث قصة South of Midnight في جنوب الولايات المتحدة الأمريكية تحديدًا ببلدة صغيرة تدعى Prospero، حيث انتشرت الظواهر الغريبة والكوارث والطبيعية لدرجة أن غالبية سكّانها هجرها! ولكن هذا لا ينطبق على بطلتنا Hazel Flood التي ما زالت تعيش بهذه البلدة رفقة والدتها Lacey Flood، حتى أتى اليوم التي فُقدت فيه وبدأت رحلة Hazel بالبحث عن والدتها.
بهذه الرحلة سنتعرف على Hazel وماضي عائلتها التي أوصلها أن تكتشف بأنها Weaver، وهم مجموعة مُختارة يستطيعوا رؤية تأثير الـ Grand Tapestry - هو بُعد سحري، يمثل نسيج الكون الذي يربط كل الكائنات، الذكريات، الأماكن، والقصص ببعضها البعض - على عالمنا، وبالتالي التفاعل معه وربما التأثير عليه.
بناء العالم باللعبة جيّد، فهو وضع حجر الأساس لرواية قصص الكائنات الأسطورية المبنية على حكايات الـ Folk Lore الجنوب أمريكي، التي تم ربطها بشكلٍ ما مع الحبكة الرئيسية للعبة. فمثل أي قصة، تنقسم قصتنا لحبكة رئيسية (main plot) و عدة حبكات جانبية (sub plots).
فالحبكة الرئيسية هنا تتمحور حول Hazel نفسها ورحلتها بالبحث عن والدتها، مع التركيز على themes قصصية مثل إكتشاف الذات، فكرة الفقد، النضج وغيرها من الـ themes، التي استطيع القول ان تم إيصال رسالتها واستكشافها بشكل جيّد، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بشخصية Lacey وإستعراض معانتها التي كانت من أقوى نقاط حبكتنا هذه.
ولكن هذا النوع من القصص يعتمد على عامل إضافي وهو التأثير الذي تركه بالشخص، وهنا التأثير كان ضعيفًا بسبب الشخصية الرئيسية (Hazel)، التي لم تكن شخصية مثيرة للإهتمام بتاتًا. فارتكبت قصتنا هنا الخطيئة الكبرى برواية القصص التي تأخذ طابع شخصي، وهو ضعف الإرتباط العاطفي للمُتلقي مع بطل القصة! فـ Hazel هنا تفتقد لخلفية قصصية مسبقة، تفتقد لتطور شخصية مثير للاهتمام، وتفتقد لختامية مُرضية، فبِدون الخوض بالتفاصيل تجنبًا للحرق، لم اجد ختامية القصة مرضية. فكل هذه العوامل أخرجت لنا للأسف حبكة قصصية لا يُمكن القول عنها سيئة أو متواضعة، ولكنها غير مثيرة للإهتمام.
ولكن، على الرغم من السلبيات المذكورة أعلاه، ما زلت أجد قصة South of Midnight رائعة وأفضل ما قُدّم هذه السنة! ويعود السبب لجودة الحبكات الجانبية وطريقة سردها العظيمة. فشخصيًا أرى أن تركيز قصة لعبتنا ليس على الحبكة الرئيسية وشخصياتها، بل لحبكاتها الجانبية التي تمثلت برواية قصص الـ folk lore الامريكية. فتتكون القصة من 14 فصل، غالبية هذه الفصول تركّز على هذه الحبكات التي تقدّم أساطير مثل Two-Toed Tom و Huggin' Molly و The Rougarou وغيرهم من حكايات الشعب المتنوعة. فمثل ما ذكرت ما ميّز هذه الحبكات هو طريقة سردها العظيمة، فكل حبكة تحاول تقديم theme قصصي مُختلف، تتم روايته بشكل تصاعدي حتى نصل للختامية وإيصال الرسالة التي قد تحمل معاني إنسانية رائعة جدًا.
فنعم قصة South of Midnight رائعة لإنها أتقنت ما ركّزت عليه، وهي قصص الـ folk lore التي تم وضعها بإطار عاطفي إنساني، بأسلوب سرد رائع، أخرج لنا قصة رائعة جدًا على الرغم من جميع سلبيات حبكة القصة الرئيسية، التي كما ذكرت لا أراها تركيز القصة الأساسي.
أسلوب اللعب
تصنّف لعبة South of Midnight على أنّها لعبة اكشن مغامرات بعناصر platforming (قفز على المنصات) بطابع سينمائي. فهذا يعني أن اللعبة تقدّم اسلوب قتال قريب المدى يعتمد على تقديم قدرات سحرية للشخصية مثل السحب، الدفع، الصعق، ضربة قوية، والتحكم بالأعداء، بالإضافة للحركات الإفتراضية مثل الضربات الخفيفة والتفادي (dodge). كما يمكن الإستفادة من هذه القدرات السحرية بالـ platforming ايضًا للتنقل بالعالم، مع حركات إضافية مثل الفقز مرتين، الـ glide، والجري على الجدران.
كما تقدّم اللعبة تنوّع مقبول بالأعداء، سواء بالحجم، نوع الهجمات، وحجم الضرر الذي يتلقاه اللاعب من هجماتهم. ومن الأفكار الجيّدة هنا هو إعطاء الأعداء قدرات يستطيع اللاعب إستخدامها ضدهم، ولكن المحبط هنا أن هذه الفكرة لم يتم إستغلالها بشكل جيّد، بالواقع بالكاد تم إستغلالها! فعند النظر لأنواع الأعداء المتنوّع، نوعين منهم فقط الذي تستطيع هزيمتهم بشكل مختلف وعكس ضرباتهم عليهم، وهي نسبة قليلة جدًا الحقيقة وفرصة ضائعة.
بالعموم أسلوب القتال باللعبة متواضع الحقيقة، فالضربات الافتراضية الخفيفة تقدّم كومبو واحد فقط (5 ضربات كحد أقصى) بدون أي عمق أو تطويرات جديرة بالذكر، وضربة ثقيلة واحدة بعبدة المدى، بالإضافة لما ذكرته مسبقًا من دفع الأعداء أو سحبهم اتجاهك لتعطيهم ضربة اقوى قد تؤدي لصعقهم. وللدفاع عن نفسك فهناك طريقتان: الأولى هي بالتفادي، التي تُعتبر واحدة من أسوأ ميكانيكات اللعبة ولا تعطي game feel جيّد بتاتًا! والأخرى بالصد (أو بوصف أدق parry)، الذي بقرار تصميمي غريب تم ربطه بقدرة الدفع، التي عند إستخدامها يتم إعادة شحنها (cooldown)، مما قلل من قيمة الـ parry كثيرًا، خصوصًا عندما يكون لقدرة الدفع إستخدامات أخرى. كُل ما ذُكر كان من الممكن إصلاحه بإضافة تنويع أكبر للمواجهات أو توزيع أفضل للقدرات، ولكن للأسف هذا لم يحصل، فأكبر مشاكل القتال هو التكرار بالنصف الثاني من اللعبة؛ بسبب توزيع القدرات الغريب الذي يعطي للاعب جميع القدرات بنصفها الأول، بدون أي محاولات تجديد على القتال بنصفها الثاني!
ولكن ما يُمكن الإشادة به فيما يخص المواجهات هي مواجهة الزعماء، التي بغالبيتها قدمت مواجهات ممتعة ومتنوعة تكسر من روتين المواجهات المكررة. وقلت بغالبيتها لأن تصميم الزعيم الأخير باللعبة من أكسل ما رأيت الحقيقة، لن أذكر تفاصيل مواجهته بالطبع تجنبًا للحرق، ولكن الأساس من فكرة مواجهة الزعماء هو كسر دورة اللعب التقليدية وتقديم شيء مميز ومختلف، وللأسف هذا لا ينطبق على تصميم هذا الزعيم.
تعاني اللعبة أيضًا من مشاكل بالميكانيكات وصقلها، فتشعر بضعف السلاسة ببعض الأحيان. فمثلًا الـ platforming على الرغم من أنه منوّع وممتع، لا يمكن نكران أن ميكانيكياته تفقتد للسلاسة، قعند القفز لا تستطيع إستعمال بعض القدرات، والذي يحد من سلاسة الـ platforming بشكل كبير، مما نتج عنه جزئيات platforming محدودة قليلًا.
تقدّم اللعبة شجرة مهارات لتطوير قدرات الشخصية، تنقسم هذه الشجرة لخمسة أقسام، واحدة للقدرات العامّة، والأخرى لقدرات الشخصية الأربعة. للأسف جودة القدرات المقدّمة متفاوت جدًا، فبعضها يضيف قدرات جيّدة للاعب، ولكن غالبيتها هي عبارة عن زيادة بقوة قدرة معيّنة (خصوصًا للقدرات الخاصة)، الذي يُفقد تميز وفكرة شجرة المهارات الحقيقة، والذي زاد أمر سوءً بتجربتي، هو مشكلة تقنية واجهتها بآخر فصول اللعبة، وهي أزالة غالبية القدرات التي اشتريتها لتطوير الشخصية بدون أي سابق إنذار، ولاسترداد هذه المهارات كان علي أن اشتريها من الجديد على الرغم من شرائي لها مسبقًا! المشكلة هنا بما أن الخطأ التقني أتى بمرحلة متأخرة من اللعبة، نقاط المهارة التي واجهتها بالمراحل، لا تكفي لشراء ما فقدته من مهارات. ولكن مع هذا لم أواجه مشاكل بالقتال أو صعوبة، مما يشير للسهولة المفرطة للمواجهات باللعبة لعدة أسباب أحدها تواضع مستوى الذكاء الإصطناعي.
تصميم المراحل
تقدّم South of Midnight مراحل بفلسفة تصميم خطيّة، أمر يشبه ألعاب الجيل السادس والسابع كلعبة Alice Madness Returns. فالمراحل بهذه اللعبة يمكن تصنيفها لقسمين: قسم شبه خطي بطيئ الإيقاع، وقسم خطي بالكامل يميل للاكشن بإيقاع أسرع بكثير.
بالنسبة للقسم الشبه خطي فدورة لعبه كانت بسيطة الحقيقة، فهي عبارة عن جزئيات Platforming > إستكشاف والغاز > قتال. و "بسيط" هي كلمة مفتاحية بوصف تصميم المراحل عمومًا، فجزئيات الـ platforming بسيطة وتعرف الحدود التي فرضتها الميكانيكيات؛ لهذا هي ممتعة! فلا تحاول تقديم شيء صعب يعتمد على دقة القفز - والذي يتطلب ميكانيكيات قوية - بل أخذت توجه يعتمد على التنويع بالمواقف، والذي هو أمر نجح المطورين بتنفيذه.
بعدها نأتي لجزئيات الإستكشاف والألغاز التي أيضًا يمكن وصفها بالبسيطة، ولكن على عكس الـ platfoming اعتقد هذا التوجه اضر بهما كثيرًا! فالاستكشاف متواضع بشدة، فعلى الرغم من وجود طرق جانبية، إلّا انها غالبًا ما تكون أمام اللاعب ولا تحتاج للإستكشاف كثيرًا لإيجادها، وحتى عنصر المكافأة ضعيف جدًا ويقتصر على نقاط مهارة أو مذكرات قصصية. أما بالنسبة للألغاز فهي عانت من عامل التكرار وسهولتها كذلك، فغالبًا ما تكون عبارة عن سحب عربة للتسلق لمكان اعلى، أو رمي شيء ما على هدف لتكسيره ليمكنك من التسلق، والمشكلة الأكبر كأنك لا تحتاج ان تبحث كثيرًا، فالحل دائمًا ما كان امام اللاعب.
وأخيرًا ثالث أجزاء دورة اللعب هو القتال، الذي تحدثت بشكلٍ كافي أعلاه، ولكن ما يمكنني إضافته أن ساحات القتال تصميمها كان ضعيفًا ومكررًا للأسف، فجميع مناطق القتال هي عبارة عن ساحات مسطحة بدون أي أبعاد افقية، أو تفاعلية مع البيئة المحيطة، فمثلًا بساحات التنقل هناك بعض العقبات مثل الأشواك، مساحات مياه تسقط عليها، أو حتى أشياء تستطيع الامساك بها ورميها. كل هذه الامور كان بالإمكان الاستفادة منها بساحات القتال وجعله أكثر متعة، ولكن ما حصلنا عليه ساحات مكررة بنفس التصميم بدون أي تغيير ساحة والأخرى.
أما بالنسبة للجزئيات الخطية سريعة الرتم (action set pieces) فهي كانت ممتعة وقدمت التنويع المطلوب منها، قد يرى أن الجزئيات التي تسمى بالـ fog كانت مكررة نوعًا خصوصًا ان يوجد اكثر من 5 منها، ولكن بالنظر لإنها جزئيات قصيرة المدة لم الاحظ تكرارًا أو مللًا بإنجازها.
الجانب الفني والتقني والصوتيات (التقديم)
هنا نأتي لأقوى جوانب اللعبة، من الناحية الفنية فـ South of Midnight هي من أجمل 5 ألعاب بالجيل بدون أدنى شك! فالمطورين مدركين تمامًا نقاط قوتهم كاستديو، لهذا ستلاحظ أن الأمور الفنية مثل البصريات والصوتيات بارزة وبشدة فمن الواضح غالبية ميزانية اللعبة ذهبت على هذه الجوانب! فالتوجه الفني خارق باللعبة الحقيقة، توزيع الإضاءة، شكل الخامات، تصميم الـ props والـ character models، جميعها جوانب خارقة رفعت من قيمة التجربة كثيرًا. وما جعل هذا التوجه أجمل هو اسلوب التحريك الـ stop-motion المتبع هنا، الذي ميّز اللعبة واعطاها هوية فنية خاصة. فهنا الـ stop-motion إلزامي بالمشاهد السينمائية ولا تستطيع اغلاقه، أما بجزئيات اللعب فتعطي اللعبة الخيار بتفعليه أو إغلاقه. شخصيًا كنت متوقع أنني سأكره اسلوب التحريك هذا اثناء اللعب، ولكن صُدمت بأنه مناسب جدًا ولم يزعجني إطلاقًا، بل العكس تمامًا! زاد من درجة استمتاعي بالتجول بالعالم والنظر اليه.
ومن ناحية الصوتيات، فهي أيضًا من نقاط قوة اللعبة، فتصميم الصوتيات ممتاز جدًا سواءًا من ناحية المؤثرات الصوتية المميزة، التمثيل الصوتي الأكثر من ممتاز لجميع المؤديين الصوتيين باللعبة، أو حتى الموسيقى التي لا يمكن وصفها سوى بالعظيمة! فبجانب الموسيقى التصويرية الرائعة، تضمنت اللعبة أغاني أصلية تم الاستفادة منها بالسرد القصصي! فحتى الصوتيات واصغر التفاصيل باللعبة كانت تحاول ان تروي قصة للاعب وهذا اسلوب عبقري جدًا بصنع والاستفادة من الصوتيات.
تقنيًا فاللعبة قدمت مستوى ممتاز على الحاسب الشخصي بآداء ثابت وإطارات ما فوق الستين بغالبية تجربتي مع اللعبة، باستثناء فصل واحد (وهو الفصل السادس)، واجهت فيه هبوط غريب بالإطارات، ولكن ما بعدها - وقبلها - آداء اللعبة كان مستقرًا.
من الجدير بالذكر سيصدر تحديث اليوم الأول عند صدور بتاريخ أبريل، ومن المتوقع أن يحل مشاكل التقنية التي واجهتها باللعبة.